رحيل رجال الأعمال وإفلاس الشركات.. مطالب في سبتة ومليلية بتدخل مدريد لعلاج الوضع الاقتصادي الصعب بسبب "القيود المغربية"
تشهد مدينتا سبتة ومليلية وضعا اقتصاديا صعبا بات يثير القلق في الأوساط السياسية والاقتصادية بإسبانيا، في ظل ما تسميه أطراف إسبانية بـ"استمرار القيود المغربية على حركة السلع ونظام المسافرين"، وهو ما انعكس، وفق رأيها، سلبا على المقاولات المحلية التي وجدت نفسها بين خيار الإفلاس أو الرحيل إلى وجهات أخرى.
وفي هذا السياق، دق اتحاد رجال الأعمال في مليلية ناقوس الخطر، محذرا من هجرة متسارعة لعدد من المستثمرين صوب المغرب ومدينة مالقا بجنوب إسبانيا، فيما أعلن آخرون إفلاسهم بسبب غياب الأفق الواضح، خاصة بعد إغلاق مكتب الجمارك وتوقف الحركة التجارية بالشكل الذي اعتادت عليه هذه المدينة في العقود الماضية.
وقال رئيس اتحاد المقاولات بمليلية، إنريكي ألكوبا، في تصريحات صحفية، إن القطاع المقاولاتي لم يعد يثير التحفيز، حيث فقد المقاولون الثقة في البيئة الحالية، مشيرا في هذا الإطار إلى أن "المستثمر لا يمكنه المخاطرة بأمواله في ظل انعدام الأمن القانوني وعدم ضمان مرور البضائع عبر الحدود".
وأضاف ألكوبا أن الشركات تعيش حالة من "اللايقين"، إذ لا يعرف المستثمرون إن كانت بضائعهم ستتمكن من دخول السوق المغربي أم ستبقى عالقة، مشيرا إلى أن هذا الوضع أفرز حالة من الركود التجاري وضرب القدرة التنافسية للمدينة.
ووفق المصدر نفسه، فإن القيود المغربية على نظام المسافرين زادت من صعوبة الوضع، حيث لم يعد يسمح بنقل أي منتوج عبر الحدود من طرف الأفراد، حتى وإن تعلق الأمر بمواد استهلاكية بسيطة مثل علب الحليب أو البسكويت، بينما يسمح بدخول السلع المغربية إلى سبتة ومليلية من دون مشاكل تذكر.
ووفق الصحافة الإسبانية، فإن هذا الوضع دفع رئيسة اتحاد المقاولات في سبتة، أرانتشا كامبوس، إلى توجيه انتقادات مباشرة للمغرب، معتبرة أن "رفضه الالتزام بالقواعد الدولية الخاصة بنظام المسافرين في معبر تراخال يضعف جهود تطبيع العلاقات التجارية، ويجعل منه جارا غير موثوق به" حسب تعبيرها.
وأضافت كامبوس أن الأمر لا يقتصر على الأوساط الاقتصادية فقط، بل يشمل أيضا المواطنين العاديين الذين يشتكون من حرمانهم من نقل أبسط المواد عبر الحدود، حيث لا يجدون تفسيرا واضحا لهذه الإجراءات سوى التخوف من عودة "التهريب المعيشي" بشكل غير رسمي.
ولفت الصحافة الإسبانية إلى أن رجال الأعمال في سبتة ومليلية يوجهون الآن أنظارهم إلى مدريد، مطالبين وزارة الخارجية بالتدخل العاجل لإعادة الثقة إلى المعابر الحدودية، عبر فتح قنوات تفاوض جديدة مع المغرب وتجاوز حالة "الاستثناء" التي تطبع علاقة المدينتين بالجارة الجنوبية.
وتعتبر هذه الهيئات أن الحل يكمن في إرساء قنوات تواصل دائمة بين الحكومتين الإسبانية والمغربية، مع إشراك ممثلي القطاعات الاقتصادية في سبتة ومليلية، بما يتيح معالجة أي مشكل أو حادث حدودي بسرعة قبل أن يتفاقم ويؤدي إلى خسائر مالية إضافية.
ويحذر فاعلون اقتصاديون إسبانيا بكل من سبتة ومليلية من أن استمرار هذا الوضع قد يقود إلى نزيف استثماري أكبر، حيث سيواصل رجال الأعمال الرحيل إلى أسواق أكثر استقراراا، ما يهدد بتحويل المدينتين إلى مناطق فاقدة للجاذبية الاقتصادية.
هذا وتجدر الإشارة إلى أن المغرب أصبح يشدد القيود على استيراد السلع والبضائع من سبتة ومليلية المحتلتين، ولا يسمح إلا بعدد محدود من البضائع عبر المكتبين الجمركيين، وذلك بهدف الحفاظ على تنافسية السلع المحلية وتعزيز الاقتصاد الوطني.
وتشير أرقام التجارة الداخلية بالمغرب في العقود الماضية، أن بضائع سبتة ومليلية كانت تشكل منافسة قوية للسلع المحلية، وكانت تتسبب في خسائر مهمة للشركات المغربية، في ظل إقبال المستهلكين الكبير على السلع القادمة من المدينتين.
وساهم إيقاف التهريب المعيشي بكل من معبري سبتة ومليلية من طرف السلطات المغربية في إيقاف هذا النزيف، إلا أن ذلك انعكس سلبا في الجهة المقابلة على المدينتين.





تعليقات
بإمكانكم تغيير ترتيب الآراء حسب الاختيارات أسفله :